التقرير الاستقصائي للمرصد الاعلامي الصحراوي لتوثيق انتهاكات حقوق الانسان حول ملابسات حريق واحة اسرير و الذي اختير له عنوان : بلدتي اسرير و تغمرت تحت رحمة سياسة الاراض المحروقة.؟
بقلم : مربه ربو.
في اطار انجاز التقارير الميدانية توجه مبعوثنا الى مدينة كليميم و بعد عملية ترتيب للقضايا المدرجة في اجندة جولته توجه الى جماعة اسرير. و بالضبط الى بلدتي تغمرت و اسرير. البلدتين سجلهما حافل بالمعارك المتعلقة بانتزاع الحقوق.
الطلبة و النشطاء المنحدرين من هناك يتعرضون رفقة اهالهم لكل اشكال العنف و التضييق. خلال الشهور الاخيرة عاشت المنطقة تحت وقع الكثير من الاحداث ابرزها التصفية الجسدية التي تعرض لها ابن بلدة اسرير الشهيد بدري عبد الرحيم ،على يد اذناب الاجهزة الامنية بالموقع الجامعي بمدينة اكادير، و طمس ملف التحقيق في اغتياله.
التواصل مع الساكنة حول مجمل القضايا التي تعرفها المنطقة يوضح وجود حس صحراوي طافح . و يمكن لمس ذلك من خلال الاستقبال و الترحيب، طبعا بعد الاطمئنان و التأكد من هوية الضيف.؟ عملية التواصل مكنتنا من جمع كم هائل من المعطيات. و بفضل عملية استقراء لها استخراجنا المفاتيح المفسرة لما يحصل بالمنطقة. حيث هناك خطة امنية تستهدف الشباب عبر انتاج و حماية الفساد بكل اشكاله من انتشار كل انواع المخدرات و المتاجرة فيها ،دون حرج، ناهيك عن تفريخ دور الدعارة اما داخل المجالس المنتخبة فهناك ازمات مفتعلة كي تظل المنطقة خارج أي سياق تنموي !! و من ذيول ذلك وجود نزعة عنصرية متنامية ضد الصحراويين . و رغم ذلك هناك تحدي و مجابهة. و يعتمد المغرب لاحتواء الوضع مقاربة ، العصاء و الجزرة. عبر سياسة المشاريع المدرة للدخل و التي تعد نوع من الرشوة تشرف عليها وكالة تنمية الجنوب و تلك هي الجزرة اما العصاء تركتها السلطات الامنية بيدها كي تردي بها المارقين و العصاة. !!؟
العناصر المفسرة لوجود خطة امنية مخزية لضبط المجال:
• نهج سياسة الاراضي المحروق و التي اتخذت في البداية شكل افراغ البلدتين من سكانهم الاصلين. و وضعهم تحت الخيام بضواحي العيون سنة 1992، بذريعة المشاركة في ألاستفتاء وتم منعهم أنداك من العودة. ولقد ترتب عن هذا الوضع فقد الواحات لليد العاملة و تضرر المزارع و الحقول التي تركت لقدرها.؟
• قمع الحريات حيث في سنة 2004 صدرت احكام موقوفة التنفيذ وغرامة قدرها 2000 درهم في حق مسنين ومسنات، ذنبهم الوحيد الاعتصام لعدة شهور امام مقر قيادة اسرير و تنظيم مسيرات سيرا على الاقدام نحو مدينة كليميم للتعبير عن حقوقهم . و بدلا من تلبية مطالبهم فبرك لهم الجلاد عالي كبيري العامل السابق على "اقليم كليميم" محاكمة صورية .( و لاحقا تم مكافئته بان اصبح برلمانيا على راس لجنة حقوق الانسان و مدافعا عن ضعف ميزانية قصور الملك داخل البرلمان المغربي)
• بث الرعب بين فلاحي الواحات، عبر اضرام النار في الحقول و المزارع.
• الاستحواذ، بكل السبل، على أراضي و عقارات الصحراويين البورية و الفلاحية. و هناك لوبي متخصص في هدا المجال مسند بدعم مالي هائل. و من جملة ضحاياه سكان البلدة موضوع التقرير(اسرير) اللذين استفاقوا يوما فوجدوا سوق مرجان (التابع للهولدينغ الملكي) يشرع ابوابه فوق اراضيهم التي انجز اللوبي المذكور عملية تفويتها بطرق احتيالية.؟
الوعي برهانات الصراع متصاعد في البلدتين ويعكسه وبجلاء ابناء البلدتين داخل الصف الطلابي الصحراوي ، في الجامعات و المعاهد المغربية. وليس هذا وحسب بل سجل تاريخ الصراع الصحراوي المغربي التحام المهجرين الصحراوين من البلدتين مع اخوانهم خلال انتفاضة العيون 1999 ثم لاحقا ملحمة اكديم ازيك2011 . اجل الضربات الموجعة للنظام المغربي مستمرة على خارطة طريق ،الدولة الصحراوية هي الحل. و يرسمها الصحراويين و الصحراويات، كل من موقعه ،بأرواحهم و دمائهم الزكية. و عريس الشهداء عبد الرحيم بدري تمت تصفيته لإيمانه الراسخ بذلك الافق. و لهذا ستظل حياته اطول من مغتاليه لأنها مرتبطة بمصير شعب يكافح من اجل الاستقلال و الحرية.
ادراج قضية اغتيال الشهيد بدري ضمن هذا التقرير ليست من باب المزايدات بل كانت هي المحرك ،بعد ما تبين ،خلال جولتنا ، ان حقول و مزارع فلاحي واحة اسرير، و ضمنها املاك والده، شملتها يوم 06 غشت 2018 سياسة العقاب الجماعي المسلطة على البلدتين مند سنوات و المتمثل في اضرام النار و الحرمان من الحق في التنمية.
لقد ظل المخزن و ازلامه ، كلما وقع حريق في تلك الواحات ، ينسبون كل شيء للعوامل المناخية و انتشار المواد القابلة للاشتعال لكن و كما يقال حبل الكذب قصير حيث في التاريخ الموالي لنشوب الحريق قمنا بزيارة مسرح الجريمة و بعد مسح ميداني تقني تبين ان هناك قصد وراء ذلك و ما يزكي هذه الخلاصة ما يلي .
• مسرح وقوع الجريمة حقول و مزارع والد الشهيد : ( حيث اندلعت الشرارة الاولى لهذا الحريق الذي اتى على عدة بساتين كما وثق ذلك شريط فيديو من تصوير احد الهواة / انظر شريط الفيديو ) .؟
• اختيار الساعة 3 بعد الزوال وهو التوقيت الذي ينقطع فيه التنقل داخل الواحات و تخلد الساكنة للقيلولة.
• اتجاه الرياح كان نحو الشرق وهذا يخدم هدف الجنات : ( لكون الحقول والبساتين المتواجدة شرق حقول عائلة الشهيد تعود ملكيتها لعائلات نشطاء "مغضوب عليهم " مخزنيا ومن ضمنهم طلبة اشرفوا على تنظيم دوري الشهيد بدري لكرة القدم شهر رمضان المنصرم ) .
• المسح التقني لمسرح الجريمة بين انبعاث رائحة البنزين في مكان اضرام النار.
اما المعطى الذي يستبعد حدوث الحريق نتيجة ارتفاع درجة الحرارة مصدره مصالح الارصاد الجوية المغربية التي اكدت تقاريرها ان الحرارة لم تتجاوز يوم 6 غشت 2018 تاريخ وقوع الحريق 28 درجة (انظر الصورة).
ما حصل ادن دليل قاطع على ان حقد المخزن بلغ اعلى مستوياته بخصوص البلدتين المشار اليهما . و نشير في هدا الصدد الى تكرار عمليات اضرام النار التي اصبحت مسرحا لها البلدتين منذ تصاعد الحراك الجماهيري هناك . المخزن لم يبتلع التضامن الواسع مع عائلة الشهيد بدري في محنتها ، سواء من طرف فعاليات المنطقة (انظر بيان التوقيعات ) او من الطلبة و عموم المواطنين.
المخزن يحارب تكريس فكرة الرمز ، وهذا ما حصل مع الشهيد ابراهيم صيكا.؟ و نفس السيناريو يتكرر مع الشهيد بدري عبد الرحيم الذي حتى و هو في قبره تعتبره السلطات المغربية مصدر ازعاج لها. و من شدة حنقها قامت بعملية تدنيس حقيرة لقبره بمقبرة الرحمة ( انظر الصور).
روحه لا تزال ترفرف على المنطقة حيث قبل وقوع عملية اضرام النار أي يوم 4 و5 غشت احتضن المركز السوسيو رياضي ببلدة اسرير اجتماعا موسعا للساكنة مع ابنائها بالمهجر و من ضمن القضايا التي كانت مطروحة قضية فتح ملف التحقيق في قضية اغتيال الشهيد .وقبل ذلك نظم شباب جماعة اسرير( حوالي 200 طالب / 16 فرقة رياضية انظر الصورة )
خلال شهر رمضان الفارط تظاهرة رياضية باسم الشهيد بدري عبد الرحيم( انظر الصورة المرفقه)
و رغم رفض السلطات الترخيص لذلك مرت التظاهرة و تخللها حفل توزيع الجوائز على الفرق الفائزة وفق ما سطرته اللجنة المنظمة .
بلوغ هذا المستوى من النضج دفع سلطات الاحتلال الى تفعيل سياسة العقاب الجماعي المشار اليها. و بالرجوع الى الذاكرة المحلية و ما اختزلته عن الاحداث التي عرفتها البلدتين خلال السنوات الفارطة بخصوص عملية اضرام النيران في الحقول و المزارع تبين ان هده العملية يتم تفعيلها كلما حصل تضامن شعبي او ارتفعت وثيرة السخط على المخزن وسياسته.
و بالرجوع الى الاملاك و الحقول التي تم استهدافها سابق و حاليا نجد خيطا ناظما بينها و يتعلق الامر بعودة ملكيتها الى اسر و اهالي المناضلين و فعاليات الحراك الجماهيري هناك.
و ما يؤكد وجود رغبة في تحويل البلدتين الى قفار عدم توطين التنمية على اسس قوية و تراخي السلطات و فرق الوقاية المدنية خلال وقوع الكوارث كالفيضانات او الحرائق. والذاكرة المحلية تسجل الشيء الكثير عن ذلك
المرصد الاعلامي الصحراوي لتوثيق انتهاكات حقوق الانسان