مقال : الزائر الأممي ...

صورة ‏‎Mbarek Sahrawi‎‏.
 
بقلم : مبارك الفهيمي
ضوء شاشة جهاز الحاسوب يعكس أشعته صوب عيني ، أتأمل الموضوعات المطروحة داخل أجنحة المواقع الإليكترونية. جميع الحروف والكلمات تتحدث عن زيارة ضيق العينين لمخيم اللجوء جنوب الجزائر.
دخل الخيمة شرب الشاي ، تأمل في لوحة رسمتها طفلة صحراوية ، أبدى إعجابه بما خطته أنامل المناضلة الصغيرة خارج الوطن .. تلفظ بجمل من لغة أجنبية ليؤكد أنهم هو وهيئته المحترمة سيبذلون جهدا لوقف معاناة اللاجئين والاطفال ..
حشود غفيرة تقف في الطريق تحت أشعة الشمس تعرقل مسار سيارته الفارهة . يقول شاب على هامش الطريق "كيف لا نعرقل طريقه وهو والعالم الإمبريالي يعرقل مسار مطالبنا لأزيد من أربعين سنة".. الغبار في كل مكان ، لوهلة تظن أن التربة تنتفض في وجه الزائر الأممي الذي دخل مقر الرئاسة مرفوقا بحشود نعرف بعضهم وليس أغلبهم .. فقد يكونون من قوات حفظ السلام وهو الأمر الذي يكشفه بصرك إذا لاحظت الزي العسكري الذي يرتديه هؤلاء ، العلم الوطني مرفوع .. ينحني الزائر الأممي ذو البشرة الصفراء والقامة النحيفة . يدخل قاعة متواضعة من ناحية التجهيزات ، ففي هذا المكان شيدت دولة بمؤسساتها ولكن ليس بتلك المعايير كما في نيويورك مثلا . ربما تعجب ! لقادة تنظيم أو دولة يجلسون في مثل هذا المكان المتواضع المبني أغلبه من الطين ـ إنه التواضع يا سادة ـ . يتبادل الزائر مع الوفد المفاوض السلام , الرئيس بابتسامته الدبلوماسية المعهودة الدائمة يبدي ترحيبه بالزائر الذي يزورنا لأول مرة .. خرجت الكميرات وانسحب "الغرباء" الذين يزورون المخيم موسميا ليبقى طرف النزاع والممثل الشرعي والوحيد لأهل الأرض والوسيط الساعي لإيجاد حل . في ركن محمي من أشعة الشمس يتناول سيجارته في تلذذ وتأمل ينتظر أن يخرج أحدهم ليدلي بما دار في تلك القاعة المغطاة ب "الزنك " .. ملّ الصحفي من الإنتظار ولكنه يتفهم كل هذا ويعلم ان الملفات كثيرة وشائكة ومعقدة. للخالق الحمد أن هذا الصحفي أجنبي ذو عقلية غربية يعشق أشعة شمسنا لو كان من صحفيي صحفنا أومواقعنا العربية أصحاب العقلية المتزمتة .. لكتبوا على التأخر ولفقوا التهم الجاهزة دائما اعتمادا على الجملة المعهودة "أكدت مصادرنا ان سبب التأخر هو " ولماذا .... ! الصحفي الغربي لا زال ينتظر خبرا حصريا يدلي به للقناة المحسوب عليها. فمدير القناة غاضب من ادائه ولعلها تكون فرصته الأخيرة .
وفود من كل الجنسيات ومن قنوات عالمية حطت الرحال بأرض اللجوء والأراضي المحررة لتغطية حدث زيارة يقال أنها تاريخية . خرج الزائر الأممي ليجيب عن الأسئلة ويؤكد بلغته الأجنبية على ضرورة إيجاد حل يضمن تقرير المصير قائلا أنه يتفهم الغضب الحاصل . ربما كان ردة فعل معينة "عنيفة أو سلمية ، نتفق معها أو نختلف" الأثر في نظرة ذو البشرة الصفراء والقامة النحيفة للوضع القائم.
تتدلى خيوط سوداء من طربوشه الأحمر ، جلبابه الأبيض فيه قطرات من "المرقة" فالطبيب ينصحه بعدم الأكل كثيرا نظرا لمرضه المزمن .. يشاهد التلفاز والهاتف الخاص في أذنه .. يسأل عن اخر التطورات .. يعيش في تخبط ، اختلطت الأفكار في جمجمته الممتلئة بكل ماهو توسعي . يريد ان يغط في نوم عميق لكنه لا يستطيع . لم يستوعب بعد المشهد أمامه .. يسأل نفسه "كيف لهؤلاء أن يخرجوا في هذا العدد الهائل لاستقبال الزائر الأممي"؟ أين شباب التغيير أين الحركات التي أسسناها لخلق حراك وهمي من داخل الطرف الاخر الشرعي ؟ . يقول في هاتفه لخادمه المطيع "عولنا على الجفاف بكري " ، يحتسي الشاي ويصب قطرات من الخمر ويلصق الكأس في فمه لعله يخفف من توتره وينسى الأمر ولو لوهلة .. هاتفه غاضب من كثرة الإتصالات ، لم تنفعه "معارضة الجلالة ولا حكومة الجلالة" ، لا همة ولا ازولاي .. ظن أنه يوم الحساب يختنق ويختنق...

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق