مقال : الواقعية…هي الحل.

 
بقلم : اسلامه الناجم
يمكن وصف قرار مجلس الامن 2218 بعبارة دبلوماسية بأنه “مخيب للآمال” كما وصف ممثل الجبهة في نيويورك تقرير الامين العام (S/2015/246)، ويمكن وصفه ايضا بصراحة لا دبلوماسية فيها بأنه تقرير تافه ومنحاز ومناقض للشرعية الدولية التي يدعي المجلس حمل لواء الدفاع عنها .
هل كان التقرير متوقعا على هذا النحو؟ نعم وأسوأ. هل كان يمكن ان يكون اكثر صرامة مع الطرف المعرقل الذي هو المغرب بإجماع كل من اقترب من الملف او عمل عليه؟ مع الاسف لا. لان تركيبة المجلس معروفة وكذلك آلية عمله، ولأننا نحن واقعيا لم نفعل شيئا طيلة الفترة بين التقريرين سوى الانتظار. وصف التقرير او التعليق عليه ليس هو الغاية من هذا المقال. والذي رغم مساوئه التي لا حصر لها وسلبيته الشديدة، إلا انه عن غير قصد يوجهنا الى الصواب ويصحح مسارنا حين يدعونا الى انتهاج الواقعية  وبغض النظر عن تعريف المجلس للواقعية وغايته منها ورفضنا البات – دون ادنى- للمعنى الذي يريد . غير ان الواقعية – شئنا ام ابينا -هي طوق نجاتنا، بمعنى انه علينا ان نلتفت الى الداخل الذي اهملناه كثيرا بلهثنا وراء سراب التقارير والمفاوضات العقيمة وان نقويه فقوة الداخل هي التي يعول عليها وهي التي ستملي على الامم المتحدة وغيرها القرار الذي نريده . واعني بالداخل الكل الصحراوي شرق جدار العار وغربه .
اولا : شرق الجدار حيث الدولة والتي باتت بالنسبة للصحراويين امرا واقعا وكذلك للاتحاد الإفريقي لكن الذي سيجعلها ويفرضها امرا واقعا على باقي العالم وعلى رأسه مجلس الامن هو في احترام المؤسسات وتقويتها ولا حاجة للتذكير بان الجيش هو اهم المؤسسات و اولاها بالاهتمام. فالذي يريده جميع الصحراويين وتتحد مطالبهم عليه هو نظام عادل يقدم الكفاءات ويساعد على فرزها يحاسب ويجازي، المؤسسات فيه محددة الصلاحيات ومحترمة ويكون فيه المواطنون سواء امام القانون، هذا لن يتم الا في بيئة ديمقراطية فلابد اذن من الاصلاح السياسي فالمحاسبة والشفافية مهما حاولنا ومهما كان صدق النوايا فلن تنجح الا مع نظام ديمقراطي، الامثلة في العالم امام اعين الجميع . وللصدق ان الذي حمانا من الابتلاع والاندثار خلال هذه السنوات العجاف هو وجود الدولة. اذا كان هذا حصل والدولة تكاد تكون في غيبوبة فما بالك لو كانت نابضة بالحياة ومفعمة النشاط.
و من مسؤولية الدولة كذلك التركيز على  البعد الافريقي فهو غير مستقل بتاتا وغير مفعل فالى الان نكتفي بالمشاركة في قمم الاتحاد والتي تكون احيانا تعالج مواضيع نحن غير معنيين بها البتة، لا توجد قمة واحدة- حسب علمي- كان جدول اعمالها الوحيد او الاساسي الصراع الصحراوي المغربي اتحدث عن ما بعد 6/9/1991 . اعتقد ان لنا حلفاء واصدقاء في القارة على قدر كبير من الاهمية مثل الجزائر ، جنوب افريقيا ، نيجيريا ، انغولا وغيرهم . لكن دبلوماسيتنا لم تعرف كيف تستفيد من مكانتهم القارية والدولية . ربما الفرصة الان سانحة من اجل اختبار جدية الاتحاد الافريقي في تصفية الاستعمار من القارة ، فباعتبار بلدنا اخر مستعمرة في القارة والامم المتحدة التي تمسك بالملف لم تستطع سوى تكريس الامر الواقع وتعقيد الوضع، صار حري بنا – والحال هذه- اقناع الافارقة بقمة استثنائية للاتحاد يرد فيها على تخاذل الامم المتحدة، ويخاطبها بلسان واحد موحد، قمة تتبنى حصار المغرب ومعاقبته حتى ينصاع الى الشرعية . وتحدد خارطة طريق او رزنامة عمل تنتهج الزيارات المتكررة للاراضي المحتلة من خلال وفود سياسية وحقوقية ونقابية وغيرها .
ثانيا :غرب الجدار. مثلما هو الرهان على الدولة كبير فكذلك على الانتفاضة، والحقيقة انه اذا كانت توجد قيود ما او التزامات على الدولة او الجبهة فهي ليس كذلك على الارض المحتلة وجماهيرها، اذ يجب ان تشمل الانتفاضة ضد الاحتلال جميع اشكال الرفض من العصيان المدني وتكثيف العمل المقاوم وارهاق الاجهزة الامنية ودفعها الى ارتكاب الأخطاء. الى المقاطعة، مقاطعة رموز الاحتلال وعملائه وعزلهم والحد من التعامل مع المستوطنين، ان تسمح البوليساريو لأعضائها هناك بالكشف عن هوياتهم وإعلان اسمائهم لتشكيل هيئة سياسية منضوية تحتها تنشط علنا في الارض المحتلة لمزيد من الضغط على الاحتلال واحراجه سياسيا اضافة الى الحرج الحقوقي والانساني، يجب ايضا ان تختفي صفة ناشط حقوقي من قاموسنا السياسي والاعلامي وكذلك معتقل سياسي، فما نسميه المعتقلون السياسيون هم في الحقيقة اسرى ويجب ان يحملوا هذه الصفة قد تكون هناك اسباب موضوعية دفعت بادئ الامر الى هكذا مصطلحات لكنها الان انتفت ولم يعد لهذه التورية معنى . على الانتفاضة التفكير في بدائل ناجحة من اجل التأجيج والتصعيد، كتخريب وتعطيل بؤر نهب الثروة الوطنية، تخريب واتلاف ممتلكات العملاء المتاجرين بمصير شعبهم ايضا. ان تعبير انتفاضة سلمية ليس الا هراء لا يجد له في التاريخ سندا اذا استثنينا الهند وهو استثناء يؤكد القاعدة، استثناء اعتمد ايضا على القوة البشرية الهائلة. اليس عار هذا الكم من العملاء. في فرنسا كان بيتان واحد ولدينا عشرات “البيتانات”.
يعاني المغرب من مشاكل جمة لا حصر لها و تمرده يعكس من الضعف اكثر من القوة التي يريد ان يوحي بها ، لقد اظهرت ملحمة اكديم ازيك ومظاهرة 4 ماي 2013 وغيرها مدى وهن الاحتلال ورعبه من تحرك جماهير الارض المحتلة، كما اظهرت ملاحم جيش التحرير ضعفه وجبنه قبل ذلك . وبالتالي وجب التحرك اكثر وابتكار الاساليب لإرهاق الاحتلال ورفع تكلفته حتى دحره باذن الله.
لا ادري في ظروف كهذه كيف ستفاوض البوليساريو؟ وعلى ماذا تعتمد ؟ ما يجعل الدعوة الى التفاوض من قبل مجلس الامن ليس اكثر من رفع العتب لادراكه انها حوار طرشان او لعله يقصد من ورائها الهاء البوليساريو في تفاوض عقيم في حين ان الاحتلال يقضم الارض يوما بعد الاخر ويغير ديمغرافيتها بامواج المستوطنين ثم يرفع في جهنا وقتذاك سيف الواقعية .
في مثل هذه الظروف والى ان تتغير اقترح على البوليساريو ان تشترط اطلاق سراح الاسرى (المعتقلين السياسيين) لاستئناف المفاوضات مع المغرب وان تلزم سيارات الامم المتحدة بحمل الترقيم الصحراوي ما لم تنزع عنها الترقيم المغربي . وان تطالب الامم المتحدة بتحصيل حق اللاجئين من مداخيل ثروات الاقليم وتوجيهها لهم كما توصي الاستشارات القانونية التابعة لها . وان تطالبها ايضا مادامت هي ومجلس الامن يصران على احصاء اللاجئين بخلق منظمة خاصة باللاجئ الصحراوي على غرار الانروا فالاوضاع غير متباعدة وكذلك زمن اللجوء .
دون تغيير المعطيات على الارض ، في الدولة وفي الارض المحتلة الى الافضل وتحويلها الى واقعية تجبر مجلس الامن على اخذها بعين الاعتبار ، ستظل التقارير نسخ عن بعضها بل ستكون اكثر سوءا الواحد بعد الاخر.


ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق