مقال : سويديون في ذاكرة الصحراويين : أولف بالما، الصديق الذي أغتيل يوم تخليد إعلان الجمهورية
عن مدونة الكاتب و الباحث الصحراوي حمدي يحضيه
في سنة 1975م كان فقط المحظوظون الذين درسوا في الجامعات قد سمعوا بالسويد التي تقبع في آخر العالم، والذين عرفوها لم يعرفوها بسبب مواقفها الشرسة المؤيدة للشعب الفلسطيني والجنوب إفريقي لكن، ربما، عرفوها أنها بلد بارد كثير الثلج ولا يستطيع الإنسان الإفريقي أن يعيش فيها..
لكن إذا كان بعض الصحراويين سمعوا بالسويد في تلك السنة، فإنهم، من جهة أخرى، لم يسمعوا، أنذاك، برئيس وزرائها اولف بالم .
اولف بالما هو سياسي سويدي أزداد سنة 1927م وبدأ يناضل سياسيا حتى أصبح زعيم حزب العمل الاجتماعي الديمقراطي في بلاده، وفي نفس الوقت تم انتخابه سنة 1969م رئيسا للوزاء، ثم لم يلبث أن أصبح شخصية عالمية نتيجة لمواقفه الصريحة والجرئية بخصوص الكثير من القاضايا التي كان الغرب يعتبرها طابوهات ويتحالف فيها مع الاستعمار مثل القضية الفلسطينية وقضية النطام العنصري في جنوب إفريقيا.. في المحافل الدولية وقف اولف بالما، بجرأة، يدافع عن تلك القضايا في الأمم المتحدة حتى نال لقب محامي فلسطين وجنوب إفريقيا.. ذلك الموقف جعله يخسر صداقة حلف ما كان يسمى زمن الحرب الباردة بالأمبريالية الشرسة التي كانت تنفذ سياسة العودة إلى المستعمرات عن طريق الهيمنة الأقتصادية.. حين كان اولف بالما يرافع عن القضية الفلسطينية وقضية جنوب أفريقيا انفجرت قضية الصحراء الغربية.. عدالة القضية الصحراوية جعلته يتبناها في المحافل الدولية ويحمل على كاهله عبء قضية جديدة تقف فرنسا والولايات المتحدة والعالم العربي عائقا أم حلها وفقا للقانون الدولي..
في الوقت الذي كان الصحراويون يجهلون أي شيء عن السويد، تحول أولف بالما، وهو رئيس للوزراء في سنة 1975م، إلى صديق للصحراويين.. ففي سنة 1974م، حين بعث له الحسن الثاني مبعوثا يطلب منه أن تتهم السويد موقف بلاده من قضية الصحراء رفض أن يستقبله.
في السنة الموالية، 1975م، أياما قبل المسيرة السوداء، عاود الحسن الثاني بعث عبد الرحيم، " محامي الفقراء" إلى السويد كي يقنع رئيس الوزراء السويدي اولف بالما بالموافقة على المسيرة الغازية. تعرض بوعبيد للطرد وتم سبه من طرف اولف بالما ونعته بالمجرد وبالقاتل وسفاك الدماء..
ولم تسكت السويد أبدا في الأمم المتحدة عن إبداء موقفها بخصوص قضية الصحراء الغربية وقضية فلسطين وقضية التمييز العنصري في جنوب إفريقيا.
لم تعد مواقف اولف بالما من هذه القضايا تُحتمل فتم التخلص منه وهو رئيس للوزراء يوم 28 فبراير 1986م، يوما بعد تخليد ذكرى إعلان الجمهورية الصحراوية العاشرة. كان خارجا من قاعة سينما عندما تعرض للرصاص، وبعد التحريات تم التوصل إلى أن الجاني قد يكون على علاقة بإسرائيل وجنوب إفريقيا والمغرب، وان الثلاثي قرر تصفية ذلك الصوت حتى لا يتكلم من فوق منابر الأمم المتحدة..
بكاه الصحراويون كثيرا، حملوا صوره، وأعلنوا الحداد على رحيله وأطلقوا اسمه على مدرسة في ولاية العيون تخرجت منها، سنوات بعد ذلك، دُفع كثيرة نسائية منذ سنة 1986م..
ولم تنسى السويد رئيس وزرائها ولا مواقفه. بقيت وفية لتلك المواقف ولتلك القضايا، وفي سنة 2011م أعلنت أن برلمانها سيدرس قضية الأعتراف بالدولة الصحراوية، فحدث استنفار في المغرب وبعث وفدا برلمانيا إلى استوكهولم لكن تم طرده.. اليوم، بإعلانها دراسة قضية الأعتراف بالجمهوية الصحراوية تحي السويد ذكرى المرحوم اولف بالما.. في سنة 2014م، وتحقيقا لإحدى أمنياته، كللت مواقفها التاريخية بالأعتراف بالدولة الفلسطينية.. الآن يبدو أن الطريق الذي رسمه أولف بالما أصبح معبدا أكثر من أي وقت مضى للأعتراف بالجمهورية الصحراوية.