مقال :سويديون في ذاكرة الصحراويين(II): أولف ريد بيك، المبعوث النزيه


مقال : سويديون في ذاكرة الصحراويين(II): أولف ريد بيك، المبعوث النزيه
الصحراء الغربية

 عن مدونة الكاتب و الباحث الصحراوي حمدي يحضيه

نحن الآن في سنة 1976م، وقد تم الغزو المغربي الموريتاني للصحراء الغربية، بمباركة الولايات المتحدة وفرنسا وغالبية الدول العربية، وتآمر إسبانيا وخضوع الأمم المتحدة للأمر الواقع من مؤامرات وقوة قرارات الكواليس.. في هذه الأيام، بالضبط بداية فبراير 1976م، قرر الأمين العام للأمم المتحدة بعث موفد عن الأمم المتحدة إلى المنطقة لمعاينة ما يحدث على الأرض، وليقدم تقريرا حول ما هو الحل الذي الذي يجب أن تتبناه الأمم المتحدة في المستقبل في الإقليم الذي أصبح، فعليا، واقعا تحت الغزو المغربي والموريتاني.. وقع أختيار كورت فالدهايم على سفير السويد في الأمم المتحدة، اولوف ريدبيك، فهو الوحيد الذي ظن الأمين العام، أنه بسبب نزاهته وعدم أرتشايه، وبسبب موقف بلده العادل، منْ يستطيع القيام بهذه المهمة.. أتصل به الأمين العام وعرض عليه المهمة، ورغم أنه لم يرفضها، إلا أنه طلب الأتصال بدولته.. كان رئيس الوزاء تلك الأيام هو اولوف بالما، وهي صديق للحركات التحريرية وللشعوب المضطهدة، وكان الصحراويون في حاجة إليه، وأصبحوا يسمعون به، فهو الذي طرد عبد الرحيم بوعبيد مبعوث الحسن الثاني، وهو الذي أصبح شبه محامي للقضية الصحراوية وللقضايا العادلة في الجمعية العامة..
تمت موافقة رئيس الوزراء السويدي اولف بالما الفورية على أن يتحمل سفيره بالأمم المتحدة المهمة ويذهب ليدافع عن الحق والقانون. بدأ مهمته من مدريد، فهي عاصمة أسبانيا الدولة التي باعت الصحراء، وهي التي يجب أن تتحمل مسئولياتها التاريخية في الإقليم، وأتفاقية مدريد لا معنى لها من وجهة نظر القانون الدولي.. في مدريد حاول اولف ريدبيك أن يقنع الأسبان أن الإقليم، رغم اتفاقية مدريد، سيبقى، قانونيا، واقعا تحت إدراتهم إالى أن تنظم الأمم المتحدة أستفتاء..
خلال زيارته لمدريد  من 5 إلى 7 فبراير حاول ريدبيك أن يقنع الأسبان أن يعيدوا الإقليم إلى إدراتهم، وأنهم لازالوا هم من يدير الإقليم، لكنهم رفضوا، وفي غضون أيام تملصوا من المشكلة نهائيا وخرجوا من الإدارة الثلاثية..  وحتى يتحدى الأسبان صرح ريدبيك أن مشكل الصحراء الغربية لازال مفتوحا، وأن الشعب الصحراوي له الحق في تقرير المصير والاستقلال ولا بد من تنظيم استفتاء، وان أسبانيا تبقى، قانونيا، هي القوة المديرة.
حمل عليه المغاربة والموريتانيون، قالوا أنه تجاوز مهمته، رفضوا أن يستقبلوه، وربطوا  استقباله بالحضور فقط  كممثل للأمم المتحدة، لجسلة يتم فيها تطبيق أتفاق مدريد، وتوقع الجماعة على الأتفاق بصفتها ممثل للشعب الصحراوي، ويتم "تقرير مصير" الصحراء الغربية. رفض ريدبيك بشموخ، وواصل زيارته إلى الصحراء الغربية المحتلة..
في لقائه ببعض أعضاء الجماعة قال لهم أنه جاء " كي يتعرف على رغبات الصحراوييين في مستقبلهم. في العيون تم استقباله بمظاهرات حاشدة مؤيدة للبوليساريو ولتقرير المصير وتم قمعها أمام عينيه.. في العيون التقى ب47 عضوا من الجماعة وفي الداخلة ب 10 وفي السمارة ب6 أعضاء..
في كل تصريحاته كان ريدبيك يقول أن " أن فرصة تقرير المصير كان يجب أن تتم قبل ثلاث أو أربع سنوات، وأن الوضع الحالي العسكري في المنطقة لا يسمح بإستشارة للسكان بسبب النزوح."
في الجزائر يوم 30 مارس 1976م، وخلال ندوة صحفية عقدها ريدبيك في المطار سأله أحد الصحفيين قائلا: هل شكلت زيارتك الأولى لمدريد فرصة للتأكيد للأمم المتحدة أن أسبانيا لازالت هي القوة المديرة- قانونيا- للإقليم.؟ اجاب ريدبيك قائلا: نعم.  
في نهاية مارس وبداية ابريل 1976م كان ريدبيك في تندوف لزيارة اللاجئين الصحراويين.. استقبلوه رغم ظروفهم القاسية بحرارة فاندهش وهو يرى انهم مصممون كلهم على الحرية والاستقلال وتقرير المصير، وانهم مستعدون للبقاء في تلك الظروف حتى يقررون مصيرهم.. 
إجابة ريدبيك تلك- أسبانيا لازالت هي القوة المديرة-   جرَّت إليه نقمة المغاربة والموريتانيين فرفضوا استقباله من جديد، وطلبوا منه أن لا يحط الرحال في عواصمهم. بالنسبة لهم، كانوا يريدونه أن يقول أن الصحراء أصبحت تحت الإدارة المغربية والموريتانية وانتهى..

إن قناعة ريدبيك تلك – الصحراء قانونيا تابعة للإدراة الأسبانية- هي التي سيستفيد منها، لاحقا، مواطنه كورل هانز في سنة 2002م ليعيد القول أن الصحراء قانونيا يجب أن تبقى تابعة للإدارة الأسبانية..

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق