وثيقة سرية تثبت تورط المخزن في محاولة اغراق الجزائر بالمخدرات


 كشفت وثيقة مسرّبة تحصّلت عليها “الشروق الجزائرية” حصرياً وتنشر لأول مرة، أن المخابرات المغربية تقف وراء حملة منظمة ورسمية لإغراق الجزائر بالمخدرات، هذه الوثيقة الخطيرة للغاية، تحمل رقم “المرجع 2135/13″، وهي عبارة عن إرسالية داخلية من “المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني” التابعة لوزارة الداخلية، وصادرة يوم الأربعاء 13 مارس 2013، وموجهة إلى المديرية الجهوية لمراقبة التراب الوطني.
في أعلى الوثيقة نجد ختما باللّون الأزرق يحتوي على الحروف الأولى باللغة الفرنسية “DGST  ” التي تعني “المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني”، وجاءت الإرسالية “بإشراف من السيد المدير العام للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني وبأمر منه”، وهي عبارة عن أمر رسمي خطير جدا جاء فيه: “نأمر السّيد المدير الجهوي للمديرية الجهوية لمراقبة التراب الوطني – وجدة، بالإشراف على عملية التنسيق مع الأجهزة الأمنية وعملائنا من أجل تسهيل عمليات تهريب المخدرات إلى الجزائر عبر الحدود الشرقية للمملكة”.
وفي أسفل الوثيقة، نبهت المخابرات المغربية بضرورة إرسال تقارير مدققة بخصوص كل عملية. وتحمل الوثيقة المسربة ختم “المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني” في المغرب، وقعها المسؤول عن قسم الإرساليات، الذي وصفته الوثيقة بـ”المراقب العام”، ويحمل شفرة سرية DGSN/DGST    n.4563/85.
…وتثبت التهمة بالدليل القطعي
ظلت الأرقام الرسمية التي تصدرها الجزائر تتحدث عن أرقام هائلة تتعلّق بالمخدرات التي تتدفق على الجزائر من الجار المغربي، والأمر لا يتعلق بقناطير، بل بأطنان قيمتها بملايين الدولارات، وصل الأمر حد استعمال المهربين للأسلحة ويتعاونون حتى مع جهات إرهابية مثل تنظيم “القاعدة
وسبق في ديسمبر 2013 أن الوزير الأول عبد المالك سلال اتهم المغرب بتعريض أمن المنطقة المغاربية للخطر عبر السماح بتدفق مئات الأطنان من المخدرات من أراضيه إلى الجزائر. وجاءت هذه التهمة بعد أشهر فقط من صدور الأمر بإغراق الجزائر بالمخدرات، الذي كشفته “الشروق” بهذه الوثيقة المسرّبة.
وفي نوفمبر 2013 صدر تقرير رسمي تحدث عن ضبط 164 طن من المخدرات قادمة من المملكة المغربية عبر عمليات متفرقة خلال تسعة أشهر. أما في الأشهر الأولى من عام 1994 فقد كشف محمد بنحالة مدير الديوان الوطني لمكافحة المخدرات والإدمان أنه تم حجز 95  .  56 طنا من المخدرات، وأن القنب الهندي الذي بلغ 70  .  20   طنّا جاءت من المغرب.
غير أن السلطات المغربية دائما تنكر هذا الأمر وتدعي أن الجزائر تفتري عليها، وأنها تستغل ملف المخدرات لأغراض سياسوية أخرى تتعلق بغلق الحدود البرية وقضية الصحراء الغربية.
جاءت هذه الوثيقة كدليل مادي لا شك فيه، يثبت أن الاتهامات التي وجهتها السلطات الجزائرية إلى المغرب، كانت صائبة ليس لأن المخدرات تزرع في مملكة محمد السادس كما هو معروف وكما أقرته مختلف المنظمات الدولية والأممية وأنها تهرّب نحو الجزائر وحولتها إلى منطقة عبور، بل أن ذلك يجري تحت الرعاية الرسمية لجهاز المخابرات المغربي، وبتعاون مفضوح مع المهرّبين الذين وصفتهم الوثيقة المسرّبة بـ”العملاء”.
العرباوي: مخدراتكم تصلنا والحدود مغلقة فما بالكم لو فتحناها!
أطنان المخدرات التي تدخل سنويا إلى الجزائر قادمة من المغرب كانت ضمن المسائل التي تناولها سفير الجزائر بمصر ومندوبها لدى الجامعة العربية نذير العرباوي في معرض رده القوي على اتهامات السفير المغربي بمصر للجزائر، حيث ذكّر العرباوي بهذه الأطنان التي تدخل رغم أن الحدود مغلقة بين البلدين، فكيف يكون الأمر إذا تم فتح الحدود.
وثائق الشروق تهزّ أركان المخزن المغربي
منذ أن نشرت “الشروق” وثائق مسرّبة عن المخابرات المغربية، أصيب المخزن المغربي بهوس كبير، حيث شمّرت الصّحف والمواقع الإلكترونية المغربية على سواعد محرّريها، وراحت تكيل الاتهامات للجريدة دفاعاً عن الجهاز الاستخباراتي المغربي.
فبعد التشكيك في مصداقية هذه الوثائق رغم أنها عرضت على عدة ضباط سابقين من المخابرات المغربية وأكدوا جميعهم أنها صحيحة ورسمية لا يرقى إليها أدنى شك، إلا أن إعلام المخزن راح يوزع الاتهامات بالتزوير يمينا وشمالا، ويربط ذلك بأمور أخرى من أجل التغطية على فضيحة تعاون الأمن المغربي مع “القاعدة” وتجسسه على الدبلوماسيين الجزائريين بما يتنافى والأعراف الدبلوماسية.
وقد وصل الحال بالموقع المغربي “هسبريس” المقرب من القصر الملكي، إلى نشر ادعاءات زعم فيها محررها أن “الشروق” أوقفت نشر الوثائق التي تحصّلت عليها، بعد ما اكتشفت أنها مزوّرة على حد قولهم، بل ذهب الموقع بعيداً وادّعى أن المخابرات الجزائرية هي التي تدخلت بعد ثبوت التّزوير حسب ادعاءاتهم.
وهذا إن دلّ على شيء فإنّما يدل على أن الأجهزة الأمنية المغربية أصيبت في مقتل وصدمت صدمة كبرى، جراء اختراق كبير أدى إلى تسريب مراسلات ووثائق سرية مختومة بأختام رسمية، وتكشف معلومات خطيرة للغاية عن علاقات مشبوهة مع تنظيمات إرهابية، وأيضا التعامل مع المهربين للمخدرات، وهذه كلها جرائم دولية لا يجب السكوت عنها.
وتؤكد هذه التسريبات هشاشة أجهزة الأمن المغربية، وأن جدار السّرية قد تهاوى على رؤوس قياديين ومسؤولين لا يتعاملون بمسؤولية، بل صاروا يقترفون الجرائم تلوى الأخرى لأجل أغراض سياسية. وتأتي الوثيقة الجديدة وما سيأتي لاحقا ليؤكد مرة أخرى مدى تورط المخزن في أعمال غير مشروعة إزاء الجارة الجزائر.
بروكسل: أنور مالك



ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق