الداخلية المغربية تلعب دورا تمويهيا لصالح المخابرات
أمس الجمعة 20 مارس 2015 فقط لتوثيق المهزلة التاريخية.. زفت وزارة الداخلية برعاية السيد حصاد، والعدل والحريات على رأسها السيد الرميد، نبأ تدشين جهاز جديد تابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني أطلق عليه إسم المكتب المركزي للأبحاث القضائية (B.C.I.J) الذي حضى بتغطية إعلامية معهودة لإيصال الفكرة أو بمعنى آخر إذكاء هته الخدعة الإستخباراتية لدى الشعب المغربي وأطيافه الحقوقية..؟ ربما يغيب على البعض أن هذا المشروع الإستخباراتي كان مزمع إخراجه إلى الوجود سنة 2003 أي بعد أحداث 16 ماي الدامية..، التي قيل ولا يزال يُحكى عن الخروقات والتجاوزات التي طالت المواطنين الأبرياء حينذاك من جهاز الإستخبارات الذي زاغ عن الوظيفة التي وجد لها وعن القوانين الداخلية التي تأطره.. من جهاز مكلف بصياغة التقارير وجمع المعلومات لا علاقة له بالضبط القضائي، إلى جهاز يحتجز ويختطف ويحقق ويُمارس التعذيب... تعوقه فقط التخريجة القانونية لينال صفة الضابطة القضائية ليكتمل أضلاع مثلث سيناريوهاته المحبكة إستخباراتيا
كانت حينها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية (BNPJ) تلعب دور الواجهة القانونية للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني إذ من البديهي أن لا يأتي في طيات المحاضر القضائية إسم جهاز إستخباراتي وإلا ستكون بقوة التشريعات القانونية باطلة بحكم وظيفة الجهاز السرية
اليوم نفس مشروع المخابرات 2003 يتجسد إستخباراتيا على أرض الواقع، فقط بتغير أسماء الأجهزة من الفرقة الوطنية للشرطة القضائية إلى المكتب المركزي للأبحاث القضائية وإبقاء الجلادين في مراكزهم المعهودة كالمراقب العام عبد الحق الخيام الذي كان رئيسا لجهاز (ف.و.ش.ق) الذي أوكلت له مهام إدارة المكتب الجديد (م.م.أ.ق).. المشروع الذي كان قد طُرح في شهر فبراير 2003 من طرف الجينيرال حميدو لعنيكري (مستورد الأفكار الأمنية كمشروع شرطة القرب) برعاية وكالة الإستخبارات الأمريكية (CIA) على صناع القرار الأمني على رأسهم الوزير المنتدب في الداخلية المكلف بالملفات الأمنية وقتها فؤاد علي الهمة، الخطة التي تقضي تمتيع المخابرات المدنية صفة الضبط القضائي ليتسنى لها الإعتقال المباشر وعرض المتهمين على القضاء لإبعاد أنظار الرأي الحقوقي الوطني والدولي عن جرائمها المقننة.. والتي أصبحت اليوم مدعومة بدستور وقانون ليكتمل نصاب دولة المافيات المقننة..؟
لو تطرقنا إلى الحدث بتحليل أمني إستخباراتي، وهذا ليس بالغائب على جهابذة الفقه القانوني فإن أجهزة المخابرات بأطيافها لا تستحق أو بمعنى تشريعي لا تُمنح صفة الضبط القضائي للمهام السرية الموكلة لها.. ونظرا لغموض وظائفها التي ليس بإمكان المراقبة القضائية برعاية النيابة العامة أن تطالها.. فإن وزارة العدل تكون بقوة القانون الداخلي المؤطر لهذا الجهاز مشلولة مؤسساتيا في التحكم ومراقبة تجاوزات الجهاز نفسه المحاط بآلاف الخطوط الحمراء.. وإلا سنكون أمام جهاز أمني عادي لا يرقى للعمل الإستخباراتي السري.. لذا نحن اليوم أمام ثغرة قانونية أستغلت لصالح جهاز إستخباراتي أريد له أن يحكم قبضة النظام على الشعب بمقتضيات قوانين ملغومة
فهل يا ترى صادق البرلمان المغربي عن هذا المشروع، علما أنه سنة 2011 كانت المخابرات المدنية طرحت المشروع على صناع القرار السياسي المغربي لتمتيعها بصفة الضابطة القضائية.. أم نحن اليوم نعيش في دولة لا يُستشار فيها نواب الأمة والسمع والطاعة لولي الأمر
لو كنا في دولة تحترم الشعب.. وشعبها ناضج سياسيا لما مر هذا المشروع مرور الكرام ولتلاه تنديدات ومساءلات برلمانية.. أما ونحن في دولة صاحب الجلالة فلا يسعنا إلا تقديم الولاء والسمع والطاعة لك يا حامي حمى الملة والدين
بقلم : اللاجئ السياسي المغربي هشام بوشتي
بتصرف في العنوان