خاطرة : عش حرا او مت كالاشجار وقوفا

 
بقلم :جمال كريدش
 
تتفاعل اغصان الشجرة  الضاربة  جذورها  في اعماق الارض  دوما مع الرياح القادمة من  الشرق او الغرب , شمالا او جنوبا هادئة  كانت كسكون الليل  او عاصفية  كهدير موج البحر الهادر

ومع هذا  التفاعل المتناغم للشجرة  و اغصانها مع المحيط   و تقلباته  تتفاعل  كذلك جراء  الكلاب النتنة  لتعيد  فعل والداها  وتخترق بنباحها  وضجيج  صخبها  الاجواء وتخلق بحركيتها اثارة لحظية تجتذب الانتباه تغتر  تلك الجراء  بذلك و تتوهم انها حققت المراد او على  طريق تحقيق  المبتغى  تواصل النباح المستعر كلما  كانت استجابة الاغصان وردت فعلها لهبوب الرياح  في صراع ابدي

يطول انتظارها لرضوخ الشجرة  وتهاويها  ويستعر معه نباحها كلما حل الخريف  وتساقطت بضع وريقات كانت تزين الاغصان يخال اليها انه من فعل كدها  غير  ان  سرعان ما  يلج التعب  و الملل  ثنايا  ارادتها    و يتحول  النباح الى لهاث  في مشهد درامي  ينبئ  ببداية الهزيمة   يستمر اللهاث  دقائق  تتخللها  محاولات  يائسة    ومقاومة واهنة  للعودة لأخذ زمام المبادرة   و اعادة  عزف سيمفونية النباح المقيتة  

تتيقن  تلك الجراء انها اخطأت اختيار الخصم  ومنية  بهزيمة  نكراء  فتقرر الانسحاب طارقة  اذنيها  و رأسها صوب التراب  تجر خلفها اذيال الهزيمة   لتحكي لأبويها  قصة  كانوا  هم شخوصها  فيما مضى في صراعهم مع نفس الشجرة  وكأن الزمن يعيد نفسه

لتبقى الشجرة  ثابتة  في تربة صلبة  تقاوم الرياح العاتية  في شموخ وكبرياء  يجسده تغاضيها  عن الصغائر  تواصل استخدام سلاحها القاتل  المستمد من روائع  نصائح  الامام الشافعي حين يقول :

إذا نطق السفيه فلا تجبه ... فخير من إجابته السكوت
       فإن كلمته فـرّجت عنـه ... وإن خليته كـمدا يمـوت

 غير مكثرته لنباح  الكلاب وجراها وتداولها على لعب دور كسر  الهدوء من حين لأخر   سواء كان كاسر ذلك الهدوء نباحا او عواء او مواء حتى  فلن يكون ابدا زئيرا

 فاستمري ايتها الكلاب  بأداء دورك المرسوم بعناية   و املئي  سمائنا  بصوت نباحك المنفر  فلن يوقف نباحك زحف الربيع الذي يكسو الاغصان كحلة جديدة تبشر بالعيد القادم لا محالة  ومعها  تخضر و تتلألأ الشجرة الضاربة جذورها  في اعماق الارض  التي لا تعترف إلا بمن غرست جذورهم بها اما الوافدون  فمهما طال الزمن عنها راحلون

لتبقى بعيدة عن ادراك الجراء و ابائها تلك العلاقة المتينة   التي تجمع بين الشجرة والتربة  فكلاهما  يثبت  الاخر   و يمده بالقوة  فحتى الثمار المتساقطة العفنة   تتحول بقدرة  قادر الى سماد


ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق