بقلم : بلاهي ولد عثمان
بملحفتها
المزركشة و لسانها الحساني الاصيل و بأصالتها الصحراوية و هي تمسك بيد ابنها الذي
لم يتجاوز الرابعة من العمر تمر بزاوية الشارع المتقاطع مع شارع السمارة بمدينة
العيون وفي نفس الزاوية التي تئن تحت وطأت قوات المخزن و كرواتيا و البوليس السري
و العلني مرت تلك المرأة الصحراوية بخطا رزينة متأملة ذلك المشهد الذي اعتادته كل
صباح و كل مساء، اصبحت تعرف ترقيم سياراتهم واصبحت تعرف ملامحهم رغم انهم باعداد
كبيرة تتزايد وتتناقص حسب الاحداث والايام والمناسبات.
الطفل تعلم من
والدته ووالده ان هذه القوات جاءت لتغصب الارض وتسجن ابنائها و تضرب نساءها،
ارضعته امه من ثدي الانتفاضة انه "لابديل لابديل عن تقرير المصير" تعلم
من رفاقه الصغار شعارات لايفهموها الا المناضل الصغير مثله، يوما بعد يوم يري تلك
الاعداد الهائلة من السيارات البيضاء المصفوفة في زاوية ذلك الشارع.
مرت الام وابنها
ذات مساء بالقرب من تلك القافلة الثابة الدائمة
الرازخة التي همها الوحيد ان تمنع هواء الحرية من سكان ذلك الشارع و تقطع
ان استطاعت حقوقهم في التعبير والحياة، وهي تمر وممسكة بيد ذلك الصغير المنتفض،
عندما اقترب من جموع السيارات المتوقفة في زاوية الشارع و رأى جنودا يلبسون الخوذ
ويحملون العصي، تبادرت بذهنه تلك الشعارات التي حفظها عن ظهر قلب و اراد ان يواجه
اولائك الجنود ... سحب يده الصغيرة من قبضة امه التي كانت تمسك به و ركض في اتجاه
السيارات المرابطة هناك واخذ حجرا صغيرا
بطريقه ورماه على احدى السيارات وركضت الام على آثره لتمنعه من ذلك ولكنها
لم تتمكن وبدأ يكرر تلك الشعارات و يرددها وحده امام السيارات ... وصلت الام مع
وصول اول الجنود الى الطفل المنفض وحار الجندي في ما سيفعله للطفل الصغير واخذه من
يده وهدده بالعصا قائلا من علمك هذا فقال اصحابي واهلي وجيراني ... ابتسم الجندي
وقال لامه انتم قوم عصات و ابنائكم اشد من ابائكم.
اخذت بيد ابنها
وقالت له لماذا فعلت ذلك قال لها وبكل براءة وبلغة الصغار (هاذي امّالهَا اّلا
كرْواتْيَا قالونا التّرْكَ عنْهُم لاَهِي اِتَّمُ الَا اِزَارقُوهُم بْلحْجَارْ)
وكأنه يريد ان يقول اليست هذه الانتفاضة و هذا شارع السمارة و ذاك حي معطالله و
هذه مدينة العيون مدينة الانتفاضة وهل هناك من عيب اذا اردت ان اكون المنتفض
الصغير على خطى ابطال الانتفاضة.