مقال : زينب لغزاوي أو ، كم هي الحقيقة قوية ! (مرفق بفيديو)

   
بقلم : خالد الصلعي
 
لا غرو أن يكون اسم الشمس يحمل صفة الأنثى ، فالشمس كانت ابدا في الميثولوجيات القديمة تحمل رمز الوضوح وكشف الأوهام كما هو حال أهل كهف أفلاطون . حيث لم يكتشفوا حقائقهم الا بعد انعكاس صورهم عبر نور الشمس. فهي مصدر الطاقة والقوة حسب الثقافات الهندية والمصرية والصينية القديمة . وكثيرون يحسدون هذه المرأة الجميلة مورفولوجيا والشرسة فكريا ، خاصة وهي تدافع عن مبادئها وقناعاتها دون رهبة أو وجل .
شخصيا لم أكن أعرفها ، وأول مرة أشاهدها في هذا الفيديو المسرب من المنتدى العالمي لحقوق الانسان بعد تدخلها القوي أمام مستشار الملك ادريس اليزمي ، الذي تخلخلت جميع توازناته ، ومحت من تحت قناعه المكشوف كل مساحيق الدفاع أو تجسير منظومة حقوق الانسان في المغرب ، وهي أسطوانة مشروخة وباطلة . معظم الشعب المغربي أصبح مقتنعا بها اليوم .
زينب لغزاوي ، سردت فيما يقرب من ست دقائق أوجاع المغاربة وانتظاراتهم ، وحكت أحزان ما يربو من اربعين مليون مواطن مغربي ، ولخصت تراجيديا واقع المغرب في عهد محمد السادس . كل هذا وأكثر في ظرف وجيز ومختزل ، لكنه بليغ ومؤثر وفصيح . قدمت نفسها بدءا باعتبارها ناشطة تنتمي لحركة 20 فبراير المجيدة ، الحقيقية طبعا، فالانتماء لمثل هذه الحركات اما أن يكون عضويا أو لايكون ، كاملا غير مجتزإ . بالاضافة الى عضويتها في جمعيات أخرى وتأسيسها لاحدى الجمعيات المسماة "مالي".
  شجاعة حد الادهاش ، جريئة الى درجة الازعاج ، مندفعة باعترافها الشخصي ، صريحة الى ما لانهاية . أسقطت أقنعة اليزمي جميعها بالتاريخ واللحظة والمكان ، نسفت كل شعاراته الحقوقية في دقائق معدودات ، وهو الذي حاول بناءها فوق رمال هشة منذ أزيد من عشر سنوات . فملف حقوق الانسان ملف شفاف ، اذا لم تحرص على وقايته وتجنيبه النطعات والأوساخ سرعان ما يصبح ملوثا وسخا . ليس هناك قضية تسمى حقوق الانسان بالمغرب . انها الكارثة . فالتصفيقات تتعالى وكأن جميع الحاضرين يوافقونها الرأي . فلم صرف المغرب أربعين مليار سنتيم على منتدى يناقش موضوعة حقوق الانسان بالذات ؟ . انها من غرائب هذا الوطن الغني والثري بأبنائه الذين يريد النظام اخصاءهم . ثورة حقوقية بالمغرب ، هراء ليس الا . الانتقال الديمقراطي ، شيئ يثير الغثاء . هيأة المصالحة والانصاف شعار من أجل الاستهلاك فقط. مدونة المرأة ، مجرد حبر على ورق . هيأة محاربة الفساد . ربما هي في الحقيقة هيأة تشجيع الفساد . لاشيئ من هذا تحقق في مغرب محمد السادس . انها العودة الكارثية الى عهد وزمن الرصاص ، تحت شعار حقوق الانسان هذه المرة . اليزمي يحك أنفه ، ينقل أصبعيه الى مفرق حاجبيه ، ثم يتوكأ بوجهه على كفه اليسرى . انها حركات توحي بالانزعاج والاضطراب والارتباك ، الرجل يهتز بعنف .
تتابع المناضلة القوية تدخلها ؛ أمر على التعنيف ، أمر على الاهانة ، أمر على القتلى ، لكني أتهم السلطات مباشرة بقتل "كمال العماري " . اتهام مباشر ، في منتدى عالمي وكوني ، لكن النيابة العامة يبدو أنها في نزهة مفتوحة . صدر الرجل ينتفخ ، ثم يتقلص ، الحركة بادية وواضحة ، يده ما تزال على وجهه . قبل قليل دون شيئا على كراسته . عاد الى وضعه الانهزامي .
تسرد المرأة القوية أفعال وأحداث تدينها جميع الشرائع بما في ذلك أصناف التعذيب التي يتعرض لها المعتقلون من جميع المشارب والتيارات بما في ذلك الاسلاميين . انهم يعذبون بالجلوس على عنق الزجاجات . اليزمي يحرك رأسه على خيبته ، وعلى حجم الفضيحة التي وضعته فيها هذه المرأة الجسورة العنودة اللجوجة القوية الجريئة الشجاعة .
انتقلت فجأة الى السرعة القصوى ، انها تهاجم الملك ، فهو الرجل السابع على سلم أغنى ملوك العالم بعد ملوك وأمراء الخيلج الذين يتصدرهم كلك السعودية . فالملك موجود مهيمن في جميع القطاعات الاقتصادية الحساسة بالمغرب . انه للآن يمتلك ستين في المائة من رأسمال البورصة المغربية ، له حصص هائلة في العقارات وقنوات التواصل والفنادق ، والفلاحة والتأمينات ، انه موجود في كل مكان . وأنت مستشاره ، أي اختلاف بين نظام بنعلي التونسي وبين نظام محمد السادس ؟ . يصفق الحاضرون ، يهمس اليزمي لمنشطة الاجتماع . لكن زينب تواصل كلامها الحارق . بعد تسع ثواني مديرة اللقاء تطلب أن توجز زينب تدخلها . يبدو أنه همس اليزمي قد أتى أكله . لكن زينب شعرت أنها أفرغت ما في جوفها وأنهت ثورتها ووافقت على طلب مديرة اللقاء.
لكن ليس بعد تصفية جميع حساباتها . الدستور المغربي الجديد دستور غير شرعي ، فقد تم طبخه في قصر الملك من قبل ثمانية عشرة أفراد ، وقد كان اليزمي معينا من قبل الملك ، بما يجعله فاقدا لأي شرعية قانونية للمساهمة في تدبيج هذا الدستور ، الذي صوت عليه أزيد من 99 في المائة من المغاربة وهي نسبة تحيل على نظام كوريا الشمالية ، اذن لا تحدثنا عن الديمقراطية سيدي المستشار .
يعب السيد المستشار للمرة الثالثة في ست دقائق ونيف ماء ليجفف ريقه . خذا طبعا حسب ظهوره في الشاشة ، فقد يكون عدد الرشفات أكثر .علامة دالة على حرق الكريات الحمراء بسرعة قياسية . انه أمر لا يفعله الا مرضى السكري المرتفع . سكتت القنبلة بعدما فجرت شظاياها العابرة للقارات والناسفة للاديولوجيات المتهالكة ، وتعالت التصفيقات لأكثر من دقيقة ، ربما لم ينل أحد في هذا المنتدى من التصفيقات ما نالته هذه المناضلة الحرة .
لايهمني ان أعرف من هي . بقدر ما يهمني أن أتابع شجاعتها ودفاعها عن مواقفها وسط عرين الأسد . للمغرب نساء تنحني أمامهن الأسود ؟
 

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق